التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إجابات استثمارية لا تفوت!

 


إجابات استثمارية لا تفوت!

وردتني استفسارات من نظار ومهتمين بالاستثمار الوقفي بعد قراءتهم لمقال "قياس حجم الوقف بدقة":

⁉️ هل توجد نسبة مرجعية نُقيّم بها كفاءة الوقف في استثمار إمكاناته؟

⁉️وإذا كانت 70% -كما ذكرت- فلماذا هذه النسبة بالتحديد؟

⁉️وما علاقتها بالحماية والتنمية؟

⁉️وهل تدنّيها يُعد خللًا شرعيًا؟

⁉️وهل هذا المعيار عادل لكل أوقافنا الكبيرة والصغيرة؟

وكانت إجابتي -بعد سؤال الله التوفيق-:

النسبة العادلة لاستغلال إمكانيات الوقف هي 70٪ على الأقل.

أي أن الوقف المنتج يجب أن يُفعّل 70٪ من إمكاناته ما بين:

📈 العوائد التشغيلية المنتظمة

🏢 استثمار أصوله بطريقة فعّالة

وتُحسب هذه النسبة باستخدام "المعيار لحجم الوقف" المذكور في مقالي كيف تعرف حجم وقفك!.

⚖️ لماذا تم تحديدها بـ 70٪؟

لأنها تمثل نقطة توازن ذكية بين تنمية الوقف وتعظيم نفعه من جهة، وحماية أصوله من الإهلاك أو التعجّل الاستثماري من جهة أخرى.

☑️ وهذا التوازن مستند إلى قواعد فقهية وقفية راسخة، منها:

١. قاعدة "شرط الواقف كنص الشارع"، والذي يوجب احترام نية الواقف واستثماره خاصة إذا نص عليه.

٢. قاعدة " يفتى للوقف بما هو أنفع له"؛ مما يحفز على اختيار ما يحقق أعلى نفع للوقف.

٣. قاعدة "الضرر يزال"، فلا يجوز ترك المال مجمدًا أو بلا عائد.

٤. قاعدة "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"؛ مما يعني وجوب أدوات الاستثمار لحماية الوقف، والمحافظة عليه.

 

كما أن الأنظمة والمعايير الشرعية تنص على أن من وظائف الناظر استثمار أموال الوقف بما يحقق التنمية ويحفظ الأصل، من خلال خطة واضحة، وتحليل جدوى، وتوثيق شرعي ونظامي.

وأما من جهة الواقع العملي، فقد أظهرت التجارب والتقارير الميدانية في السعودية وماليزيا وتركيا أن الأوقاف المحترفة تتراوح كفاءتها الاستثمارية بين 65–85%.

 👍 لذا فإن 70% تُعد نسبة معتدلة وعادلة، تصلح كنقطة مرجعية مهنية.

🧭 وهنا سؤال مهم جداً: ماذا عن الوقف الصغير والمتوسط والكبير؟ هل تنطبق عليه النسبة نفسها؟

وجوابه: يعد هذا المعيار مرنًا جدا، وذلك وفق تقسيم الأوقاف حسب ما يأتي:.

🔹️فالأوقاف الصغيرة -التي تقل قيمتها السوقية عن 5 مليون ريال- قد يُقبل منها مستوى كفاءة ما بين 40 إلى 60% ؛ بسبب ضعف السيولة أو حداثة التأسيس.

🔹️أما الأوقاف المتوسطة -وهي من 5 إلى 50 مليون-، فالنسبة العادلة لها ما بين 60 إلى 75%، وهي غالبًا في مرحلة نمو وتوسع.

🔹️وبالنسبة للأوقاف الكبيرة -أكثر من 50 مليون ريال-، فالمعيار يصبح أكثر إلزامًا، والكفاءة المتوقعة تتراوح من 70 إلى 90%؛ نظرًا لامتلاكها أنظمة تشغيل وخططًا استثمارية متكاملة.

💡ولكن رغم هذا التفاوت تظل نسبة 70% هي الخط المرجعي العام الذي يُستخدم لمقارنة الأداء وتوجيه التحسين.

🚨 وماذا يعني إذا كانت النسبة أقل من 70٪؟

هذا يشير إلى خلل في أحد عناصر المنظومة، مثل:

☑️أصول مجمدة أو استثمارات ضعيفة

☑️ضعف في التخطيط أو اتخاذ القرار

☑️تقييد الاستثمار دون مبرر شرعي

☑️ غياب أدوات التقييم والحوكمة

❌️ كما أنه يشكل مخالفة ضمنية للضوابط الشرعية، كتعطيل المال الموقوف رغم القدرة على تنميته، ومخالفة شرط الواقف، وضعف في أداء الوظائف الأساسية للنظارة، وتفريط في استثمار الغلة بطرق فاعلة.

◀️وهذا يجعل الوقف في "منطقة الخطر" ماليًا وشرعيًا، ويستدعي التدخل للإصلاح والتطوير.

📌لذا أوصي كل ناظر:

لا تفتخر بحجم أصول الوقف فقط بل اسأل:

❓️ كم المفعّل من إمكانيات الوقف؟ وكم منها جامدة أو ضائعة؟

⬅️ابدأ بالقياس

⬅️ قارن الأداء

⬅️ اربط الأرقام بالمقاصد

⬅️استعن بمعايير محايدة؛ لتقييم الجهد الإداري والاستثماري

❗️ لأن الوقف الذي لا يُنتج… لا يُثمر

د. أسامة بن علي الغانم

متخصص في تطوير الأعمال في القطاع غير الربحي والمستشار في الأوقاف والوصايا

0504496494

dr.oalghanem1@gmail.com


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التحفيز على تطبيق الحوكمة في الأوقاف

   التحفيز على تطبيق الحوكمة في الأوقاف   تبذل الهيئة العامة للأوقاف -مشكورة- جهوداً في تنظيم كل ما من شأنه الارتقاء بقطاع الأوقاف، ومن آخر مشاريعها المتميّزة: مشروع وثيقة مبادئ حوكمة الأوقاف ، والذي يسعى لتعزيز أفضل ممارسات الحوكمة في المجال الوقفي، وتطوير قواعدها وسياساتها؛ بما يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الوقفية، والاستدامة المؤسسية، والآثار الاجتماعية، ويقوّي التكامل بين الجهات الرقابية والتشغيلية؛ لتحقيق الامتثال الفعّال. ودَعَت الهيئة جميع المعنيين بالقطاع الوقفي مشاركتها الرأي في المشروع من خلال رابط المشاركة في منصة استطلاع التابعة للمركز الوطني للتنافسية عبر الرابط التالي: https://t.co/njVkSM4y88 . وقد أرسل إليّ الأخ العزيز مدير الإدارة العامة بوقف الشريف غالب الأستاذ الشريف: محمود بن هاني آل غالب -وفقه الله- بإحسان ظنّ منه في أخيه -جزاه الله خيراً- تعليقه ورأيه المبارك في المشروع -وهو منشور في التعليقات على المشروع في منصة استطلاع-، ورأيتُ ضمن اقتراحاته وضع نظام تصنيف ثلاثي لتحفيز الأوقاف على الالتزام بالحوكمة، ويكون إطاراً تدريجياً لتطبيق مبادئ الح...

من وثيقةِ عمر-رضي الله عنه- إلى وثائقِنا اليوم!

من وثيقةِ عمر-رضي الله عنه- إلى وثائقِنا اليوم يقف الفاروق عمر -رضي الله عنه- على أرض خضراء في خيبر تتلألأ بالنخيل، يتأمل ملكًا نفيسًا وهبه الله له، وقلبه يتوق أن يجعله صدقة جارية لا تنقطع، فيُولّي شطر قلبه إلى رسول الله ﷺ يستشيره، فيجيبه ﷺ بكلمات خالدة: "إن شئت حبّست أصلها، وتصدّقت بها". فكتب عمر -رضي الله عنه- أول وثيقة وقفية مكتوبة في الإسلام، وحدد فيها المقاصد والأغراض، وضبط الشروط والمصارف، ووضع صلاحيات التصرّف؛ ليضع هذا الصحابي الجليل المُلهم حجر الأساس لأعظم نظام استثماري اجتماعي مستدام تعرفه البشرية، وهو: "الوقف". وحين النظر في هذه الوثيقة الوقفية المباركة نجد أنها -في بادئ النظر- ورقة مكتوبة، لكنها -حين التأمل- نواة "حوكمة الأوقاف" الذي ظلّ حاضرًا حتى يومنا هذا. وعندما نقرأ هذه الوثيقة، تتجلى لنا مبادئ ثمانية لا غنى عنها لكل واقفٍ أو ناظرٍ أو مستشار وقفي، وهي: ·       وضوح المقصد: فبدون مقصد محدد تصبح المصارف فضفاضة، ويفتح باب الاجتهاد الخاطئ؛ فيتعثر الوقف، ويضيع الأثر. ·       مرجعية مُعتمدة: فالوثيقة أصل فقهي، ومرجع نظام...

معالم وقفية: وصيةٌ أم وقف!

  وصيةٌ أم وقف! أوقفتُ عملي، واستدرتُ نحو قلمي لأكتب هذه الأسطر؛ لأن الضرورة الفكرية ألجأتني لتدوين الكلمات، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. العملُ الذي أوقفته كان أيضاً سبباً في جذوة هذا المقال؛ إذ كنت أدرس وثيقة وصية وردتني فيها نزاع وشقاق، وهي الثالثة التي تصلني خلال هذا الأسبوع من الجلسات الاستشارية الوقفية.  والأسئلةُ المبدوء بها: لماذا يلجأ المحسنون إلى الوصية دون الوقف؟ أليست لهم رغبة في البحث عن الأجر الأعظم، والثواب الأدوم؟ ألم يدفعهم الحثّ النبوي على الوصية بكتابتها وإثباتها؟ أوَلَهُم رغبة في نفع ذريتهم، وصلة رحمهم، وامتداد أجرهم بعد موتهم في ميادين البر والإحسان المتنوعة؟ والجواب على كل تلك الأسئلة وغيرها: بلى، ولو تكلم أموات المُوْصِين لصاحوا بها! لا شك أن الوصية لها فضل عظيم لا يخفى، ولكن الوقف أفضل منها، وأجدر بتحقيق جميع ما في نفس الموصي وأكثر، فالوقف فيه اتباع لسنة النبي ﷺ وأصحابه -رضي الله عنهم-، فمن نظر في سيرهم وجد أن الوقف حاضراً في حياتهم، وظاهراً في مسيرة أعمارهم مقارنة بالوصية. كما أن الوقف في حياة المرء فيه مسارعة لرضا الله تعالى، ومسابقة...