التخطي إلى المحتوى الرئيسي

من شرط الواقف إلى وضوح الاستراتيجية!

 


👍من شرط الواقف إلى وضوح الاستراتيجية
 كيف نحقق استدامة الوقف؟


يتردد في الأوقاف جملة صحيحة مشتهرة وهي:"شرط الواقف كنص الشارع" -باعتبارها من القواعد الضابطة لمسار الوقف- ولكننا حينما ننظر إلى واقع الأوقاف اليوم؛ نجد أن غياب استراتيجية واضحة قد يجعل تنفيذ شروط الواقفين أقرب إلى العشوائية، حتى لو توفرت الأدوات الإدارية الحديثة مثل بطاقة الأداء المتوازن أو OKR.

وإذا أمعنّا النظر فيما وضعه الفقهاء من ضوابط دقيقة لتحقيق المقاصد الوقفية الكبرى من:
☑️حفظ المال وتنميته.
☑️وضمان استدامة النفع للموقوف عليهم.
☑️وتحقيق التوازن بين إرادة الواقف ومصلحة الموقوف عليهم.
فإن هذا لا يتحقق -غالبًا- إلا إذا جعلنا الاستراتيجية أول الأعمال، فهي التي تجيب عن الأسئلة الجوهرية للوقف:
📌لماذا وُجد هذا الوقف؟
📌 ما الحاجة الشرعية والاجتماعية التي يلبيها؟
📌من هم الموقوف عليهم الحقيقيون؟ وما حدود خدمتهم؟
📌متى نعتبر أن الوقف قد أدى مقصده وحقق شرط واقفه؟

وبعد وضوح الغرض ومجال العمل؛ تأتي الركائز الاستراتيجية التي تنطلق من باب "المصالح المرسلة"، أي: الوسائل العملية لتحقيق المقاصد، مثل:
⬅️التوسع في المنافع الشرعية والاجتماعية.
⬅️ وضمان الاستدامة المالية والإدارية.
⬅️ وتعزيز الثقة والشفافية في إدارة الوقف.

🖇ومن خلال معالجة كثير من الأوقاف؛ أجد الخطأ الشائع في بناء الممارسات الوقفية على الأدوات قبل وضوح الاستراتيجية، فتكون كما لو أننا بدأنا بالوسيلة قبل تحديد المقصد، وهذا يخالف روح العمل الوقفي، الذي يُعلي من شأن المقاصد ثم تأتي الوسائل المحققة لها.
 
والتجارب الناجحة في القطاع الوقفي نجدها في الأوقاف التي اختارت بدقة مجال عملها وركائزها الاستراتيجية؛ فأصبحت الأقدر على الوفاء بشرط الواقف، وتحقيق مقاصد الشريعة في الاستدامة، والمحافظة على الأصول، ونفع الموقوف عليهم.

💡 لذلك: أبعث رسالة إلى النظار والواقفين:
⬅️ قبل أن تبحثوا عن الأداة الإدارية أو الاستشارية، اسألوا أنفسكم:
❓️ما هي استراتيجيتنا؟
 
❓️ما غرض الوقف؟
❓️من نخدم؟
❓️ وما معيار نجاحنا؟
 
وستأتي الأدوات لاحقًا، فالاستراتيجية أحق بالحرص والاهتمام.

د. أسامة بن علي الغانم

متخصص في تطوير الأعمال في القطاع غير الربحي والمستشار في الأوقاف والوصايا

0504496494

dr.oalghanem1@gmail.com


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التحفيز على تطبيق الحوكمة في الأوقاف

   التحفيز على تطبيق الحوكمة في الأوقاف   تبذل الهيئة العامة للأوقاف -مشكورة- جهوداً في تنظيم كل ما من شأنه الارتقاء بقطاع الأوقاف، ومن آخر مشاريعها المتميّزة: مشروع وثيقة مبادئ حوكمة الأوقاف ، والذي يسعى لتعزيز أفضل ممارسات الحوكمة في المجال الوقفي، وتطوير قواعدها وسياساتها؛ بما يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الوقفية، والاستدامة المؤسسية، والآثار الاجتماعية، ويقوّي التكامل بين الجهات الرقابية والتشغيلية؛ لتحقيق الامتثال الفعّال. ودَعَت الهيئة جميع المعنيين بالقطاع الوقفي مشاركتها الرأي في المشروع من خلال رابط المشاركة في منصة استطلاع التابعة للمركز الوطني للتنافسية عبر الرابط التالي: https://t.co/njVkSM4y88 . وقد أرسل إليّ الأخ العزيز مدير الإدارة العامة بوقف الشريف غالب الأستاذ الشريف: محمود بن هاني آل غالب -وفقه الله- بإحسان ظنّ منه في أخيه -جزاه الله خيراً- تعليقه ورأيه المبارك في المشروع -وهو منشور في التعليقات على المشروع في منصة استطلاع-، ورأيتُ ضمن اقتراحاته وضع نظام تصنيف ثلاثي لتحفيز الأوقاف على الالتزام بالحوكمة، ويكون إطاراً تدريجياً لتطبيق مبادئ الح...

من وثيقةِ عمر-رضي الله عنه- إلى وثائقِنا اليوم!

من وثيقةِ عمر-رضي الله عنه- إلى وثائقِنا اليوم يقف الفاروق عمر -رضي الله عنه- على أرض خضراء في خيبر تتلألأ بالنخيل، يتأمل ملكًا نفيسًا وهبه الله له، وقلبه يتوق أن يجعله صدقة جارية لا تنقطع، فيُولّي شطر قلبه إلى رسول الله ﷺ يستشيره، فيجيبه ﷺ بكلمات خالدة: "إن شئت حبّست أصلها، وتصدّقت بها". فكتب عمر -رضي الله عنه- أول وثيقة وقفية مكتوبة في الإسلام، وحدد فيها المقاصد والأغراض، وضبط الشروط والمصارف، ووضع صلاحيات التصرّف؛ ليضع هذا الصحابي الجليل المُلهم حجر الأساس لأعظم نظام استثماري اجتماعي مستدام تعرفه البشرية، وهو: "الوقف". وحين النظر في هذه الوثيقة الوقفية المباركة نجد أنها -في بادئ النظر- ورقة مكتوبة، لكنها -حين التأمل- نواة "حوكمة الأوقاف" الذي ظلّ حاضرًا حتى يومنا هذا. وعندما نقرأ هذه الوثيقة، تتجلى لنا مبادئ ثمانية لا غنى عنها لكل واقفٍ أو ناظرٍ أو مستشار وقفي، وهي: ·       وضوح المقصد: فبدون مقصد محدد تصبح المصارف فضفاضة، ويفتح باب الاجتهاد الخاطئ؛ فيتعثر الوقف، ويضيع الأثر. ·       مرجعية مُعتمدة: فالوثيقة أصل فقهي، ومرجع نظام...

معالم وقفية: وصيةٌ أم وقف!

  وصيةٌ أم وقف! أوقفتُ عملي، واستدرتُ نحو قلمي لأكتب هذه الأسطر؛ لأن الضرورة الفكرية ألجأتني لتدوين الكلمات، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. العملُ الذي أوقفته كان أيضاً سبباً في جذوة هذا المقال؛ إذ كنت أدرس وثيقة وصية وردتني فيها نزاع وشقاق، وهي الثالثة التي تصلني خلال هذا الأسبوع من الجلسات الاستشارية الوقفية.  والأسئلةُ المبدوء بها: لماذا يلجأ المحسنون إلى الوصية دون الوقف؟ أليست لهم رغبة في البحث عن الأجر الأعظم، والثواب الأدوم؟ ألم يدفعهم الحثّ النبوي على الوصية بكتابتها وإثباتها؟ أوَلَهُم رغبة في نفع ذريتهم، وصلة رحمهم، وامتداد أجرهم بعد موتهم في ميادين البر والإحسان المتنوعة؟ والجواب على كل تلك الأسئلة وغيرها: بلى، ولو تكلم أموات المُوْصِين لصاحوا بها! لا شك أن الوصية لها فضل عظيم لا يخفى، ولكن الوقف أفضل منها، وأجدر بتحقيق جميع ما في نفس الموصي وأكثر، فالوقف فيه اتباع لسنة النبي ﷺ وأصحابه -رضي الله عنهم-، فمن نظر في سيرهم وجد أن الوقف حاضراً في حياتهم، وظاهراً في مسيرة أعمارهم مقارنة بالوصية. كما أن الوقف في حياة المرء فيه مسارعة لرضا الله تعالى، ومسابقة...