التخطي إلى المحتوى الرئيسي

من أين نفهم استراتيجية الوقف العامة؟


 




 

⁉️من أين نفهم استراتيجية الوقف العامة؟

 

العنوان سؤال جوهري ومهم، وجوابه في:

🔹فهم اللوائح والأنظمة الوقفية🔹

إذ إن فهمها يُعد ركناً استراتيجياً لا غنى عنه عند بناء أو تنفيذ الاستراتيجيات في الأوقاف، وبدون فهمها واستيعابها ستؤول الأوقاف التي ليس لديها استراتيجية إلى التعثر، والأوقاف التي لديها استراتيجية ستكون مجرد رغبات لا تنفّذ، أو مصارف ومشاريع مهددة بالتوقف أو التعارض مع أصحاب المصلحة.

وسآخذكم فيما يأتي في جولة مختصرة حول هذا الفهم:

·      أولاً: اللوائح تصنع حدود الاستراتيجية، وتوجه مساراتها، فالأنظمة واللوائح الوقفية تُحدد:

§      ما هو ممكن وما هو غير جائز شرعاً وقانوناً.

§      مجالات التصرف في ريع الوقف وأصوله.

§      صلاحيات الناظر، وآليات تعيينه وعزله.

§      سُبل جمع التبرعات، وإنشاء المحافظ والصناديق الوقفية.

وهذا ينعكس مباشرة في الاستراتيجية الوقفية من حيث:

(1)                   المخارج الشرعية والاختيارات القانونية المتاحة للأهداف والمصارف والأدوات.

(2)                   تصميم الهيكل التنظيمي للوقف بشكل يتماشى مع الأنظمة واللوائح.

(3)                   رسم خارطة الاستثمار الوقفي ضمن الإطار النظامي.

·      ثانياً: فهم اللوائح يُعزز من الحوكمة والمساءلة في التنفيذ الاستراتيجي، فاستراتيجية الوقف لا تقتصر على التطلعات والرؤى والرسائل، بل تشمل:

(1)                   سياسات الشفافية.

(2)                   آليات المتابعة والتقييم.

(3)                   إدارة المخاطر والامتثال.

وهنا تتجلى أهمية اللوائح والمبادئ، مثل: مبادئ حوكمة الأوقاف، ونظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لائحة الإبلاغ عن الأوقاف المندثرة، فمن دون امتثال لهذه اللوائح، تفشل الاستراتيجية في التنفيذ، أو تُعرض الوقف للمساءلة.

·      ثالثاً: إدراك اللوائح يساعد في توجيه نماذج التشغيل والاستثمار في الوقف؛ ولإيضاح هذا العنصر أسوق هذين السؤالين:

(1) هل ستُدار أموال الوقف عبر صندوق استثماري وقفي أم شركة غير ربحية؟

(2) هل يمكن جمع تمويل جماعي لبناء الوقف؟

فهذه القرارات الاستراتيجية لا يمكن اتخاذها دون فهم للوائح والتعليمات مثل: تعليمات الصناديق الوقفية، ولائحة المحافظ الاستثمارية، والدليل الإرشادي لتأسيس الشركات غير الربحية، ولائحة جمع التبرعات لغرض إنشاء الأوقاف.

وعليه: فالفهم الدقيق يمنح أصحاب القرار أدوات تشغيل استراتيجية متوافقة مع النظام.

·      رابعاً: ضمان تنفيذ رؤية الوقف، مع وجود غطاء نظامي للاستدامة؛ لأن أي استراتيجية وقفية ناجحة يجب أن تضمن:

(1)                   بقاء الوقف مستداماً رغم تحديات الأزمنة.

(2)                   حماية مقاصد الوقف من الانحراف أو التعثر.

(3)                   انتقال النظارة على الوقف وإدارته بشكل سلس ومنضبط.

وهذه الضمانات -بعد الله- تتحقق بفهم نظام الهيئة العامة للأوقاف، ومشروع نظام الأوقاف، وقواعد الإبلاغ عن الأوقاف المجهولة، وذلك من خلال تضمين آليات التوثيق، والإشراف، والتحول المؤسسي في الخطة الاستراتيجية.

·      خامساً: إعانة الواقفين والنظار في بناء استراتيجية محكمة وقابلة للتنفيذ:

-فالواقفون بحاجة إلى فهم الأنظمة واللوائح؛ لصياغة صيغة استراتيجية للوقف ذات أثر طويل الأمد.

-والنظّار بحاجة إلى إدراك اللوائح؛ لتنفيذ الأهداف الوقفية بطرق عملية ومشروعة.

-والمستشارون بحاجة إلى استيعاب الأنظمة واللوائح؛ لضمان اتساق الخطة الاستراتيجية مع الإطار الوقفي العام.

 

د. أسامة بن علي الغانم

متخصص في تطوير الأعمال في القطاع غير الربحي والمستشار في الأوقاف والوصايا

0504496494

dr.oalghanem1@gmail.com


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التحفيز على تطبيق الحوكمة في الأوقاف

   التحفيز على تطبيق الحوكمة في الأوقاف   تبذل الهيئة العامة للأوقاف -مشكورة- جهوداً في تنظيم كل ما من شأنه الارتقاء بقطاع الأوقاف، ومن آخر مشاريعها المتميّزة: مشروع وثيقة مبادئ حوكمة الأوقاف ، والذي يسعى لتعزيز أفضل ممارسات الحوكمة في المجال الوقفي، وتطوير قواعدها وسياساتها؛ بما يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الوقفية، والاستدامة المؤسسية، والآثار الاجتماعية، ويقوّي التكامل بين الجهات الرقابية والتشغيلية؛ لتحقيق الامتثال الفعّال. ودَعَت الهيئة جميع المعنيين بالقطاع الوقفي مشاركتها الرأي في المشروع من خلال رابط المشاركة في منصة استطلاع التابعة للمركز الوطني للتنافسية عبر الرابط التالي: https://t.co/njVkSM4y88 . وقد أرسل إليّ الأخ العزيز مدير الإدارة العامة بوقف الشريف غالب الأستاذ الشريف: محمود بن هاني آل غالب -وفقه الله- بإحسان ظنّ منه في أخيه -جزاه الله خيراً- تعليقه ورأيه المبارك في المشروع -وهو منشور في التعليقات على المشروع في منصة استطلاع-، ورأيتُ ضمن اقتراحاته وضع نظام تصنيف ثلاثي لتحفيز الأوقاف على الالتزام بالحوكمة، ويكون إطاراً تدريجياً لتطبيق مبادئ الح...

من وثيقةِ عمر-رضي الله عنه- إلى وثائقِنا اليوم!

من وثيقةِ عمر-رضي الله عنه- إلى وثائقِنا اليوم يقف الفاروق عمر -رضي الله عنه- على أرض خضراء في خيبر تتلألأ بالنخيل، يتأمل ملكًا نفيسًا وهبه الله له، وقلبه يتوق أن يجعله صدقة جارية لا تنقطع، فيُولّي شطر قلبه إلى رسول الله ﷺ يستشيره، فيجيبه ﷺ بكلمات خالدة: "إن شئت حبّست أصلها، وتصدّقت بها". فكتب عمر -رضي الله عنه- أول وثيقة وقفية مكتوبة في الإسلام، وحدد فيها المقاصد والأغراض، وضبط الشروط والمصارف، ووضع صلاحيات التصرّف؛ ليضع هذا الصحابي الجليل المُلهم حجر الأساس لأعظم نظام استثماري اجتماعي مستدام تعرفه البشرية، وهو: "الوقف". وحين النظر في هذه الوثيقة الوقفية المباركة نجد أنها -في بادئ النظر- ورقة مكتوبة، لكنها -حين التأمل- نواة "حوكمة الأوقاف" الذي ظلّ حاضرًا حتى يومنا هذا. وعندما نقرأ هذه الوثيقة، تتجلى لنا مبادئ ثمانية لا غنى عنها لكل واقفٍ أو ناظرٍ أو مستشار وقفي، وهي: ·       وضوح المقصد: فبدون مقصد محدد تصبح المصارف فضفاضة، ويفتح باب الاجتهاد الخاطئ؛ فيتعثر الوقف، ويضيع الأثر. ·       مرجعية مُعتمدة: فالوثيقة أصل فقهي، ومرجع نظام...

معالم وقفية: وصيةٌ أم وقف!

  وصيةٌ أم وقف! أوقفتُ عملي، واستدرتُ نحو قلمي لأكتب هذه الأسطر؛ لأن الضرورة الفكرية ألجأتني لتدوين الكلمات، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. العملُ الذي أوقفته كان أيضاً سبباً في جذوة هذا المقال؛ إذ كنت أدرس وثيقة وصية وردتني فيها نزاع وشقاق، وهي الثالثة التي تصلني خلال هذا الأسبوع من الجلسات الاستشارية الوقفية.  والأسئلةُ المبدوء بها: لماذا يلجأ المحسنون إلى الوصية دون الوقف؟ أليست لهم رغبة في البحث عن الأجر الأعظم، والثواب الأدوم؟ ألم يدفعهم الحثّ النبوي على الوصية بكتابتها وإثباتها؟ أوَلَهُم رغبة في نفع ذريتهم، وصلة رحمهم، وامتداد أجرهم بعد موتهم في ميادين البر والإحسان المتنوعة؟ والجواب على كل تلك الأسئلة وغيرها: بلى، ولو تكلم أموات المُوْصِين لصاحوا بها! لا شك أن الوصية لها فضل عظيم لا يخفى، ولكن الوقف أفضل منها، وأجدر بتحقيق جميع ما في نفس الموصي وأكثر، فالوقف فيه اتباع لسنة النبي ﷺ وأصحابه -رضي الله عنهم-، فمن نظر في سيرهم وجد أن الوقف حاضراً في حياتهم، وظاهراً في مسيرة أعمارهم مقارنة بالوصية. كما أن الوقف في حياة المرء فيه مسارعة لرضا الله تعالى، ومسابقة...