التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مستويات الإبداع داخل مؤسسات القطاع غير الربحي

 



مستويات الإبداع داخل مؤسسات القطاع غير الربحي

 

تسعى المنظمات غير الربحية -من جمعيات وأوقاف وغيرها- إلى تحقيق الإبداع في جوانب متعددة من أعمالها؛ مما يجعل من معرفة مستويات الإبداع أمراً مهماً؛ لتتميّز المؤسسة بالنوعية في تقديم خدماتها، وترتقي بأداء مؤشرات أعمالها.

 ويمكن تلخيص مستويات الإبداع داخل المنظمة إلى ثلاثة مستويات مترابطة:

المستوى الأول: الإبداع على مستوى الفرد:

 وهو ما يحققه الأفراد الذين يمتلكون قدرات وسمات إبداعية متعددة كالمهارات  المؤثرة في تطوير العمل، والثقافة المعرفية، وغير ذلك.

المستوى الثاني: الإبداع على مستوى الفرق التنفيذية:

 ويقصد به الإبداع الذي يُحقَّق أو يُتوصل إليه من قبل فريق العمل التنفيذي في الإدارات والأقسام الداخلية للمؤسسة، سواء عن طريق تبادل الآراء والخبرات، أو التعاون البنّاء لإنجاز الأهداف، وهذا المستوى أكثر المستويات أهمية في تحقيق مخرجات الأعمال، فهو يتغيّر بعوامل متعددة تؤثر في مستوى الإبداع سلباً أو إيجاباً.

 المستوى الثالث: الإبداع على مستوى المؤسسة:

وهو الناتج عن الأفراد والفرق التنفيذية معاً، فتكون المؤسسة -بعد تنظيم المستويين السابقين وتحقيقهما- قادرة على توليد وتطوير الأفكار الجديدة والمبتكرة، وتحويلها إلى قيمة فعلية، وسينتج عن ذلك عملية شاملة متميزة في الثقافة المؤسسية، والهيكل التنظيمي، والتوجه الاستراتيجي، وجودة العمليات، ورُشد الممارسات.

وبالنظر إلى هذه المستويات الثلاثة يلحظ القارئ الكريم ترابطها، وبناء بعضها على بعض، وأهمية وجودها داخل المنظمات؛ لتحقيق التقدم في خطواتها، وتطوير أعمالها.

ويبقى سؤال مهم يجيء بعد قراءة السطور السابقة:

كيف أبني هذه المستويات الثلاثة داخل مؤسستي غير الربحية؟ وما هي الأمور الداعمة لها، والمطورة لفاعليتها؟

والجواب عن هذا يكمن في عشرين (20) عنصراً مؤثراً في البناء الإبداعي وتطوير عملياته، وهو عنوان مقالي القادم -بإذن الله-.


د. أسامة بن علي الغانم

متخصص في تطوير الأعمال في القطاع غير الربحي

 والمستشار في الأوقاف والوصايا


                        
                            

                                                                            

                                                    



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التحفيز على تطبيق الحوكمة في الأوقاف

   التحفيز على تطبيق الحوكمة في الأوقاف   تبذل الهيئة العامة للأوقاف -مشكورة- جهوداً في تنظيم كل ما من شأنه الارتقاء بقطاع الأوقاف، ومن آخر مشاريعها المتميّزة: مشروع وثيقة مبادئ حوكمة الأوقاف ، والذي يسعى لتعزيز أفضل ممارسات الحوكمة في المجال الوقفي، وتطوير قواعدها وسياساتها؛ بما يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الوقفية، والاستدامة المؤسسية، والآثار الاجتماعية، ويقوّي التكامل بين الجهات الرقابية والتشغيلية؛ لتحقيق الامتثال الفعّال. ودَعَت الهيئة جميع المعنيين بالقطاع الوقفي مشاركتها الرأي في المشروع من خلال رابط المشاركة في منصة استطلاع التابعة للمركز الوطني للتنافسية عبر الرابط التالي: https://t.co/njVkSM4y88 . وقد أرسل إليّ الأخ العزيز مدير الإدارة العامة بوقف الشريف غالب الأستاذ الشريف: محمود بن هاني آل غالب -وفقه الله- بإحسان ظنّ منه في أخيه -جزاه الله خيراً- تعليقه ورأيه المبارك في المشروع -وهو منشور في التعليقات على المشروع في منصة استطلاع-، ورأيتُ ضمن اقتراحاته وضع نظام تصنيف ثلاثي لتحفيز الأوقاف على الالتزام بالحوكمة، ويكون إطاراً تدريجياً لتطبيق مبادئ الح...

من وثيقةِ عمر-رضي الله عنه- إلى وثائقِنا اليوم!

من وثيقةِ عمر-رضي الله عنه- إلى وثائقِنا اليوم يقف الفاروق عمر -رضي الله عنه- على أرض خضراء في خيبر تتلألأ بالنخيل، يتأمل ملكًا نفيسًا وهبه الله له، وقلبه يتوق أن يجعله صدقة جارية لا تنقطع، فيُولّي شطر قلبه إلى رسول الله ﷺ يستشيره، فيجيبه ﷺ بكلمات خالدة: "إن شئت حبّست أصلها، وتصدّقت بها". فكتب عمر -رضي الله عنه- أول وثيقة وقفية مكتوبة في الإسلام، وحدد فيها المقاصد والأغراض، وضبط الشروط والمصارف، ووضع صلاحيات التصرّف؛ ليضع هذا الصحابي الجليل المُلهم حجر الأساس لأعظم نظام استثماري اجتماعي مستدام تعرفه البشرية، وهو: "الوقف". وحين النظر في هذه الوثيقة الوقفية المباركة نجد أنها -في بادئ النظر- ورقة مكتوبة، لكنها -حين التأمل- نواة "حوكمة الأوقاف" الذي ظلّ حاضرًا حتى يومنا هذا. وعندما نقرأ هذه الوثيقة، تتجلى لنا مبادئ ثمانية لا غنى عنها لكل واقفٍ أو ناظرٍ أو مستشار وقفي، وهي: ·       وضوح المقصد: فبدون مقصد محدد تصبح المصارف فضفاضة، ويفتح باب الاجتهاد الخاطئ؛ فيتعثر الوقف، ويضيع الأثر. ·       مرجعية مُعتمدة: فالوثيقة أصل فقهي، ومرجع نظام...

معالم وقفية: وصيةٌ أم وقف!

  وصيةٌ أم وقف! أوقفتُ عملي، واستدرتُ نحو قلمي لأكتب هذه الأسطر؛ لأن الضرورة الفكرية ألجأتني لتدوين الكلمات، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. العملُ الذي أوقفته كان أيضاً سبباً في جذوة هذا المقال؛ إذ كنت أدرس وثيقة وصية وردتني فيها نزاع وشقاق، وهي الثالثة التي تصلني خلال هذا الأسبوع من الجلسات الاستشارية الوقفية.  والأسئلةُ المبدوء بها: لماذا يلجأ المحسنون إلى الوصية دون الوقف؟ أليست لهم رغبة في البحث عن الأجر الأعظم، والثواب الأدوم؟ ألم يدفعهم الحثّ النبوي على الوصية بكتابتها وإثباتها؟ أوَلَهُم رغبة في نفع ذريتهم، وصلة رحمهم، وامتداد أجرهم بعد موتهم في ميادين البر والإحسان المتنوعة؟ والجواب على كل تلك الأسئلة وغيرها: بلى، ولو تكلم أموات المُوْصِين لصاحوا بها! لا شك أن الوصية لها فضل عظيم لا يخفى، ولكن الوقف أفضل منها، وأجدر بتحقيق جميع ما في نفس الموصي وأكثر، فالوقف فيه اتباع لسنة النبي ﷺ وأصحابه -رضي الله عنهم-، فمن نظر في سيرهم وجد أن الوقف حاضراً في حياتهم، وظاهراً في مسيرة أعمارهم مقارنة بالوصية. كما أن الوقف في حياة المرء فيه مسارعة لرضا الله تعالى، ومسابقة...