التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يناير, 2025

معالم وقفية: مُثلّث ناظر!

  مُثلّث ناظر! رؤية هندسيّة لنظارة مستدامة (1)   تتنوع النظارة على الأوقاف بحسب عدة اعتبارات، كالثبوت الأصلي أو الفرعي، والصفة الطبيعية أو الاعتبارية، والفردية أو الجماعية، والإشرافيّة أو غير الإشرافيّة، والعامة أو الخاصة أو المطلقة أو النسبيّة، والمطلقة أو المقيّدة، ولكن جميعها تتوحّد في وظيفة النظارة ومسؤولياتها، والتي يُتفق على أنها في حفظ الوقف وحمايته، وتنفيذ شرط الواقف ومصارفه، وتثمير وترشيد غلّته وريعه، وأداء حقوق المستحقين. هذه الوظائف -بعيداً عن اعتبارات النظارة أو حجم الوقف أو نوعه- رئيسة لوقف يراد منه ما أراد الشارع من الاستدامة والأثر الباقي، والتي يجب أن تدار -بعد توفيق الله تعالى وإخلاص العمل له- بعقليّة واعية، ونظرة للمستقبل ثاقبة، وفكر استراتيجي متّزن، وأفق مدركٍ لمستقبل وقفي مستدام. هذا الوجوب الوظيفي للنظارة ألقى بظلاله عليّ لابتكار نموذج نظارة صالح لكل اعتبار أو حجم أو نوع وقفي، استعرته من قوة الأشكال الهندسية، واستقريته من ميدان أعمال النظار ومجالسها الناجحة، والذي جعلتُه في خمسة نماذج هندسية أولها: المثلّث؛ ليجعل من النظارة منهجاً متميزاً لفهم ال...

معالم وقفية: وصيةٌ أم وقف!

  وصيةٌ أم وقف! أوقفتُ عملي، واستدرتُ نحو قلمي لأكتب هذه الأسطر؛ لأن الضرورة الفكرية ألجأتني لتدوين الكلمات، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. العملُ الذي أوقفته كان أيضاً سبباً في جذوة هذا المقال؛ إذ كنت أدرس وثيقة وصية وردتني فيها نزاع وشقاق، وهي الثالثة التي تصلني خلال هذا الأسبوع من الجلسات الاستشارية الوقفية.  والأسئلةُ المبدوء بها: لماذا يلجأ المحسنون إلى الوصية دون الوقف؟ أليست لهم رغبة في البحث عن الأجر الأعظم، والثواب الأدوم؟ ألم يدفعهم الحثّ النبوي على الوصية بكتابتها وإثباتها؟ أوَلَهُم رغبة في نفع ذريتهم، وصلة رحمهم، وامتداد أجرهم بعد موتهم في ميادين البر والإحسان المتنوعة؟ والجواب على كل تلك الأسئلة وغيرها: بلى، ولو تكلم أموات المُوْصِين لصاحوا بها! لا شك أن الوصية لها فضل عظيم لا يخفى، ولكن الوقف أفضل منها، وأجدر بتحقيق جميع ما في نفس الموصي وأكثر، فالوقف فيه اتباع لسنة النبي ﷺ وأصحابه -رضي الله عنهم-، فمن نظر في سيرهم وجد أن الوقف حاضراً في حياتهم، وظاهراً في مسيرة أعمارهم مقارنة بالوصية. كما أن الوقف في حياة المرء فيه مسارعة لرضا الله تعالى، ومسابقة...